أطلقت مجموعة من الناشطات الأفغانيات، مؤخرا، حملة عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، للاحتجاج على الشروط المشددة التي حددتها حركة طالبان لكل الفتيات اللائي يرغبن في مواصلة الدراسة.
وقالت طالبان إن من يرغبن في الدراسة عليهن أن يلتزمن بالفصل بين الجنسين فضلا عما وصفته بـ"الحجاب الشرعي"، لكنها الحركة لم تكشف عن تفاصيل اللباس الذي يتوجب ارتداؤه.
وترى الناشطات الأفغانيات أن الشروط التي أعلنت عنها حركة طالبان تشكل "محاولة لطمس الهوية" في البلاد.
وكانت الحركة قد قامت بتنظيم محاضرة في الجامعة بكابل، فظهرت النساء المواليات لها بملابس تغطي الوجه بالكامل وحتى أصابع اليدين، كما ظهر بعضهن في شوارع العاصمة وهن ينهرن الفتيات حتى يغيرن ملابسهن.
خطوات رمزية
وفي حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، يوضح المحلل السياسي الناشط الأفغاني، شريف هوتاك، أن حملة "لا تمس ملابسي" على "تويتر"، تعد استئنافا للحراك النسوي الذي شهدته العاصمة الأفغانية، مؤخرا، لمقاومة التحولات التي تسعى الحركة لتنفيذها، وتحديدا استهداف مكتسبات المرأة في التعليم والعمل.
وأورد أن "الحملة الأخيرة تتصدى للسياسات التي تنوي طالبان تعميمها والتي أبرزتها الصور المنتشرة لنساء الحركة أثناء مشاركتهن في محاضرة بالجامعة بكابل، بلباس أسود، يغطي وجوههن وحتى أصابع اليد".
ويشير هوتاك إلى أن الحملة المنتشرة عبر "تويتر"، والتي اعتمدت في المقابل على نشر صور ملونة للمرأة الأفغانية، بملابس تبرز الزي التاريخي للمجتمع الأفغاني القديم والتقليدي، وتبعث بتراثه وهويته، تعد "حيلة رمزية" في مواجهة "التنميط" و"القولبة" التي تقوم بهما الحركة المتشددة والمسلحة، وتعمد إلى فرض صورة نمطية بالإكراه ونموذج قسري، تتراجع أمامه حقوق المرأة والحريات الفردية.
سياسة مزدوجة
ويلفت المحلل السياسي والناشط الأفغاني إلى أن الحركة، منذ سيطرتها على العاصمة الأفغانية، تتطلع إلى اعتراف الحكومات الغربية والولايات المتحدة بها، ومن أجل اكتساب الشرعية الدولية، تستعمل "سياسة مزدوجة" فيما يخص التعامل مع المرأة والتي تعد أحد شروط قبول القوى الخارجية بها و"قياس مدى التزامها بالحريات، وضمان عدم المساس بحقوق المرأة والأقليات، كما في الماضي".
ويردف "قامت طالبان بتشكيل الحكومة بدون أي مشاركة للمرأة حسبما وعدت، بل جاءت بقيادات وعناصر راديكالية من الحرس القديم، فضلا عن استعمال الهراوات والرصاص لتفريق المظاهرات بالعاصمة والمسيرات التي تجولت في محيط القصر الرئاسي، وأخيرا فرض لباس معين باعتباره الزي الضروري والشرط الأساسي لانخراط المرأة في التعليم والعمل".
قلق دولي
وفي منتصف الشهر الماضي، كشف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أنهما "قلقان جدا" بخصوص أوضع النساء في أفغانستان، وطالبا الحركة بتقادي "كل أشكال التمييز وسوء المعاملة" بحق النساء، وجاء في بيان مشترك وقعته 18 دولة أخرى "نحن قلقون للغاية بشأن النساء والفتيات في أفغانستان، حيال حقوقهن في التعليم والعمل وحرية التنقل".
وتابع "ندعو أولئك الذين يشغلون الحكم ويتولون السلطة في أنحاء أفغانستان إلى ضمان حمايتهن. فالنساء الأفغانيات، مثل جميع الأفغان، يستحقن العيش بأمان وكرامة. ويجب تجنب جميع أشكال التمييز وسوء المعاملة بإزائهن".
وأكدت الدول الموقعة أن المجتمع الدولي "على استعداد لمساعدة (نساء أفغانستان) بالمساعدات الإنسانية والدعم لضمان إسماع أصواتهن".
واختتم البيان "سنراقب عن كثب كيف تضمن أي حكومة مستقبلية (في كابل) الحقوق والحريات التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياة النساء والفتيات في أفغانستان على مدار الأعوام العشرين الماضية".